نام کتاب : زاد المسير في علم التفسير نویسنده : ابن الجوزي جلد : 1 صفحه : 332
قوله تعالى: قاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، وأبان، والمفضل كلاهما عن عاصم: «قُتِل» بضم القاف، وكسر التاء من غير ألف، وقرأ الباقون: قاتَلَ بألف، وقرأ ابن مسعود، وأبو رزين، وأبو رجاء، والحسن، وابن يعمر، وابن جبير، وقتادة، وعكرمة، وأيوب: «ربيون» بضم الراء. وقرأ ابن عباس، وأنس وأبو مجلز، وأبو العالية، والجحدري بفتحها. فعلى حذف الألف يحتمل وجهين ذكرهما الزجّاج: أحدهما: أن يكون قتل للنبي وحده، ويكون المعنى: وكأين من نبي قتل، ومعه ربيون، فما وهنوا بعد قتله. والثاني: أن يكون قتل للربيين، ويكون «فما وهنوا» لمن بقي منهم.
وعلى إثبات الألف يكون المعنى: أن القوم قاتلوا، فما وهنوا. وفي معنى الربيين خمسة أقوال:
أحدها: أنهم الألوف، قاله ابن مسعود، وابن عباس في رواية، واختاره الفراء. والثاني: الجماعات الكثيرة رواه العوفي عن ابن عباس، وبه قال مجاهد، وعكرمة، والضحاك، وقتادة، والسدي، والربيع، واختاره ابن قتيبة. والثالث: أنهم الفقهاء والعلماء، رواه سعيد بن جبير عن ابن عباس، وبه قال الحسن، واختاره اليزيدي، والزجاج. والرابع: أنهم الأتباع، قاله ابن زيد. والخامس: أنهم المتألهون العارفون بالله تعالى، قاله ابن فارس.
قوله تعالى: فَما وَهَنُوا فيه قولان: أحدهما: أنه الضعف، قاله ابن عباس، وابن قتيبة.
والثاني: أنه العجز، قاله قتادة.
قال ابن قتيبة: والاستكانة: الخشوع والذل، ومنه أخذ المساكين. وفي معنى الكلام قولان:
أحدهما: فما وهنوا بالخوف، وما ضعفوا بنقصان القوة، ولا استكانوا بالخضوع. والثاني: فما وهنوا لقتل نبيهم، ولا ضعفوا عن عدوهم، ولا استكانوا لما أصابهم.
[سورة آل عمران (3) : آية 147]
وَما كانَ قَوْلَهُمْ إِلاَّ أَنْ قالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا وَإِسْرافَنا فِي أَمْرِنا وَثَبِّتْ أَقْدامَنا وَانْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ (147)
قوله تعالى: وَما كانَ قَوْلَهُمْ يعني الربيين. إِلَّا أَنْ قالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا أي: لم يكن قولهم غير الاستغفار. والإسراف: مجاوزة الحد، وقيل: أريد بالذنوب الصغائر، وبالإسراف: الكبائر. قوله تعالى: وَثَبِّتْ أَقْدامَنا قال ابن عباس: على القتال. وقال الزجاج: معناه: ثبتنا على دينك، فإن الثابت على دينه ثابت في حربه.
[سورة آل عمران (3) : آية 148]
فَآتاهُمُ اللَّهُ ثَوابَ الدُّنْيا وَحُسْنَ ثَوابِ الْآخِرَةِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (148)
قوله تعالى: فَآتاهُمُ اللَّهُ ثَوابَ الدُّنْيا فيه قولان: أحدهما: أنه النصر، قاله قتادة. والثاني:
الغنيمة، قاله ابن جريج. وروي عن ابن عباس، أنه النصر والغنيمة.
وفي حسن ثواب الآخرة قولان: أحدهما: أنه الجنة. والثاني: الأجر والمغفرة. وهذا تعليم من الله تعالى للمؤمنين ما يفعلون ويقولون عند لقاء العدوّ.